الأربعاء، 24 سبتمبر 2008

لنلعب لعبة

قصة ألبرتو مورافيا

..أستلقي في حجرة الجلوس
..يملأني غضب عاجز يائس
..أدخن سيجارة تلو الأخرى
.وأمامي طفلتي الصغيرة جينفرا جالسة على السجادة تلهو بدميتها في صمت
منذ صباح هذا اليوم وأنا أترقب -ساعة بعد ساعة - حلول هذه اللحظة الحاسمة..سرعان ما سيتحول وجود رودولفو من مجرد أمل إلى حقيقة ملموسة

المرآة أمامي تعكس صورتي : امرأة متوترة , مكتئبة , محطمة..الوجه حائر , والعينان غائرتان , والفم ينم عن العذاب ويتودج بالسخط , أما الجسد ..فهيكل عظمي متشنج من جراء الهزات العنيفة التي تحدثها الصدمات العصبية
صورة لامرأة تعسة محرومة من نعمة الجمال
أهناك أحطّ من الكلب, لا يكلّ من هزّ ذيله كلما لمح سيده ويقبع عند قدميه؟
..أعترف - مع الأسف - أنني مثل الكلب
!ألا يكفي دليلا على ذلك ..رودولفو وما يفعله بي؟
إن هذا الأبله , التافه , الغبي , الشقي, البائس - وليته على الأقل وسيما - يجرني من أنفي وقت ما يشاء ليفعل بي كل ما يشاء
.منذ البداية ونحن على هذه الحال

كنّا في أحد المقاهي ..ودون سابق معرفة , راح كل منّا يختلس النظر للآخر من فوق فنجان قهوته ! ثم وضعت فنجاني الفارغ على المنضدة وأومأت بأني سأنصرف .وهنا أطلق بفمه صفارة , مجرد صفارة , صفارة واحدة كأنه يستدعي بها كلبه
!وإذا بي أهزّ ذيلي فورا وأسرع لكي أقبع تحت قدميه
!بهذه الصفارة , بدأ حبنا التعس
.أما تعاستي الأخرى , فلأني وحيدة في هذه الدنيا
أرملة ..ليس لي زوج يقف إلى جانبي - مهما خنته -ليصون كرامتي أماكم عشاقي
.ليس لي حتى صديقة أو صديق
.ليس لي في هذه الدنيا إلاّ جيننفرا , طفلتي في السابعة من عمرها
!الأطفال.. ؟
..آه من الأطفال
!إنني لا أطيق أن أسمع سيرة الأطفال
!إنهم ليسوا إلاّ خدعة تاريخية كبرى
.إن أول من اكتشف أن الأطفال أبرياء ..لهو أجهل الناس بالأطفال
أنصتوا إليّ جيدا : إن الأطفال في حقيقتهم كبار .نعم كبار , ويتشبثون في الوقت نفسه بأنهم أطفال
كبار , بمعنى أن لهم نفس الإحساسات والمشاعر التي للكبار , ومع ذلك فإنهم يتهربون من المسؤولية بحجة أن سيقانهم وأذرعهم ورؤوسهم وأجسامهم - أشخاصهم العضوية بصفة عامة - لم تبلغ بعد النمو الكامل
وهكذا فرغم إحساسنا بأنهم داخليا مثلنا تماما , إلاّ أننا لا نستطيع إنشاء اتصال طبيعي معهم ..أي : مناقشتهم جديا , أو الإفضاء بسرّ إليهم , أو انتظار نصح أو معونة منهم
ما جدواهم - إذن - هؤلاء الأطفال؟! لست أدري!
لو استطعت الأن - مثلا -أن أتناسى أن جينفرا ليست إلاّ في السابعة من عمرها , لكنت قد بحت لها بما يعتمل في نفسي من ضيق وكآبة من رودولفو وتصرفاته
كم كنت سأشعر براحة كبرى لو كنت أستطيع أن أجلسها جواري ..وأحتسي معها مشروبا قويا كالفودكا أو الويسكي - أفك به عقدة لسانها -وندخن ..وربما فتحنا علبة شوكولاتة لذيذة ..ثم أفضفض وأحكي لها كل شيء عن رودولفو وعني , أخوض في التفاصيل ..أصور بدقة نفسية كل منّا لتوضيح الاختلافات ..أفنّد جميع الأخطاء التي ارتكبها رودولفو في حقي .لم أكن سأتورع - رغم حساسية الموضوع - عن مفاتحتها في الميول الجنسية لكلّ منّا ..كانت الغرفة ستمتلئ بالدخان ..وزجاجة الخمر ستفرغ ..وعلبة الشوكولاتة , وكان الوقت سيمضي ..وكنت سأشعر - في النهاية -بشيء من الراحة ..ربما

..ولكن أبدا

فرغم ثقتي العميقة أن جينفرا تدرك كل شيء عن رودولفو وعني , إلاّ أنه مفروض عليّ ألاّ أتخلى عن تقمص الدور السخيف للأم الحنون : لا يا جينفرا , لا تجذبي ساق عروستك المسكينة هكذا ..إنك تؤلمينها ! هل ترضين لو أن ماما جذبت ساقك بنفس الطريقة ؟! ولكن ماما تحبك ولن تفعل هذا معك أبدا ..إلى آخر هذه العبارات

عبارات بلهاء لا نؤمن بها ..لا هي ولا أنا !!
لكنني كأم ..فإنني - للأسف - أم طيبة , من الطراز التقليدي ..ولا يغيب عن بالي لحظة أن ابنتي.. طفلة

تطوف بفكري كل هذه الخواطر ..ثم أنظر إلى الساعة .لم يبق هناك أدنى أمل من مجيء رودولفو
تجتاحني موجة غضب جارف ..فألتقط منفضة السجائر الرخام وأقذف بها على الأرض .تتحطم قطعا صغيرة
:ترفع جينفرا رأسها قليلا وتقول لي بهدوء
لنلعب لعبة ..يا ماما -
أنظر إليها ..بشعرها الأشقر ..ووجهها الأبيض ..وعينيها الزرقاوين .إن جينفرا صورة صادقة للملاك الذي يعتلي شجرة عيد الميلاد ..لا ينقصها إلاّ الجناحان ..جناحان من السكر المعقود
:وأسألها
!أي لعبة , يا حياتي ؟ -
اللعبة التي فيها أنت أنا ...وأنا أنت ..أنا ماما , وأنت جينفرا -
!وبعد ..ماذا يجري , يا حبي ؟ -
وبعد ..سأقول لك الأشياء التي كنت ستقولينها لي لو أنني كنت كبيرة -
مثلك , وأنت ستقولين لي الأشياء التي كنت سأقولها لك لو كنت صغيرة مثلي
الحيلة التقليدية والخدعة الكبرى التي يتستر الأطفال خلفها ليقولوا ويمارسوا نفس الأشياء التي يقولها ويمارسها الكبار , ولكن تحت ستار أنهم يلعبون
!أرأيتم مدى الفجور.. والرياء ..والتهرب من المسؤولية؟
:أسايرها وأتظاهر بالموافقة
.هائل ..هلم ..لنلعب هذه اللعبة -
اعتدلت في جلستها ..وبهدوء وحزم بدأت تتحدث بصوت مصطنع - تقليدا لصوتي في الغالب - وقالت
جينفرا , هل لي أن أفهم لماذا تلاحقينني كظلي كلما -
أتى رودولفو لزيارتي ؟
طبيعي أن جينفرا تستغل اللعبة لكي تعبر لي عن أشياء طالما شغلت بالي ولم تواتني شجاعة البوح
:أسدد لها نظرة اعتراض , لكنها تستأنف بحزم
.لا تنسي أنك أنا جينفرا , وردي على السؤال -
:عندئذ - وبصوت مصطنع أيضا - أقول
ماما ..ألاحقك ..لأنني أحبك جدا ..وأنت أمي -
:تقول في خبث
كلا, غير صحيح , إنك تلاحقينني كظلي لأنك تغارين مني , من أمك -
ولأنك تتمنين أن تبعديني عن رودولفو لكي يصبح كله لك وحدك
صحيح , إنني مقتنعة تماما بأن جينفرا مولعة - وإن كان ولع الأطفال - برودولفو , ولكن كيف عرفت هي أنني أشعر بذلك ؟
:أجيبها وأنا متظاهرة بالحيرة
من قال إنني أغار ؟ -
أنا التي أقول , إنك لا تدركين أن رودولفو إنما -
يتودد إليك ويجلب لك الهدايا لكي تتركيه في سلام ! ومع ذلك فإنك تتظاهرين بأنك لا تفهمين , فنضطر - أنا وهو -
لإغلاق الحجرة علينا بالمفتاح
هذا صحيح , نغلق الحجرة علينا بالمفتاح , مضطرين
:أنتهز اللعبة - بدوري - كي أؤنبها فأقول بنبرة كيدية
أغلقا الباب بالمفتاح ! سأظل أدق على الباب بأدوات المطبخ وأنادي -
وأصرخ وأبكي
:تقول ببرود
.افعلي ما شئت , فلم أعد أهتم بك -
:متقمصة لدوري , أقول في عتاب
أصحيح هذا ؟ ألا تهتمين بي يا ماما ؟ -
:ترد في خبث
لا أهتم بك إطلاقا , لو كنت أهتم بك حقا , أكنت أقضي الليل -
أنا ورودلفو في ذلك العراك المزعج , أكيل له الشتائم , وأقذف في وجهه كل ما يقع تحت يدي , وأعدو وراءه إلى داخل حجرتك كي نواصل العراك ؟
..وتسترسل في تعرية الحقيقة المرّة أمام عيني
:أحاول الدفاع عن نفسي فأقول
هذا صحيح , ولكن لا ينبغي أن تنسي أنني أنا التي كنت أفضّل -
هذا الوضع , على البقاء وحيدة في المنزل ليلا
:تفكر مليّا ثم تصيح
على العموم , اطمئني واستريحي تماما , من الآن فصاعدا لن -
تتكرر هذه الأوضاع , فقد تأكدت اليوم أن رودولفو لا يحبني , ولقد اتخذت قرارا
:تنظر كلّ منّا إلى الأخرى , ثم بفضول وقلق أسأل
وما هو هذا القرار ؟ -
:تجيب بوعي وحزم
لقد قررت الانتحار ..سأذهب الآن إلى الحمام وأتناول علبة الأقراص -
المنومة ..وسأكلها كلها
:أصرخ , وقد أفزعني هذا التهديد الصريح
ماما ..أرجوك يا ماما ..لا تفعلي هذا ..لا تتركيني وحيدة -
أبدا ..أريد أن أنتحر..وسأنتحر -
.أتبعها
أشاهدها تنقل كرسي الحمام إلى جوار دولاب الأجزخانة , تصعد عليه , تتناول علبة الأقراص المنومة , ثم تهبط بها
تفتح صنبور المياه
تملأ كوبا ..وتفرغ علبة الأقراص في الكوب
:تنظر إليّ وتقول كأنها تشرح أمرا هاما
والآن ..تتغير اللعبة ! أنت تعودين فتصبحين أنت ..وأنا اعود فأصبح أنا -
ولنلعب لعبة حقيقية , ولتشربي الأقراص
!!قالتها هكذا بكل صراحة , وهي تدسّ الكوب في يدي

ترجمة نهاد محرم -1986
مكتبة مدبولي - القاهرة
دار ابن زيدون للطباعة والنشر - بيروت

الخميس، 11 سبتمبر 2008

نصيحة لشباب الادرينالين

لو بتركزوا في النسوان مَكناش عانسنا, ماحنا معنسناش من شوية
سيبوا العربيات , اخطبوا , كملوا نص دينكوا, وريحونا, احنا تعبانين
ومحتاجنلكوا , مدوا لنا يد العون وهاتوا المأذون ...

رزان مغربي
في أحد برامج التلفزيون الرمضانية

الخميس، 4 سبتمبر 2008

حكمة الشهر الماضي

من نكح إمرأة جاره نكحت إمرأته علي عتبة داره

أحد حكماء الوزير بتاح حتب

الأحد، 31 أغسطس 2008

لحم رخيص



أكثر ما يقلقني علي غادة عبد الرازق هي النهاية المؤلمة التي سوف تنفي إليها تحت رعاية كل مصري , كبير وصغير , حتي أقرب الناس إليها : روتانا بنتها و وليد التابعي زوجها " الغالي " . وكل من شاهد ولو قطع صغير من لحمها الأبيض المتوسط , وكل من شعر بشهوة عاتيه نحو فتحتها الدقيقة والمؤخرة المستديرة وكل التفاصيل التي يعبث بها زوجها وليد "الغالي أوي " . وحتي الصحفي الذي قال عنها : أنه لا يري بها أنوثة تذكر " وبعد ذلك غيّر رأيه وأصبح صديق وفيّ أو كلب بارع إسمه طارق الشناوي . كلهم يا صغيرتي يعجلون في نهاية صاحبة الضحكة المثيرة والمربكة في آن واحد , وآه أوكاي , كل هذا ليس بسبب المشاهد الساخنة , وليس لأنك أصلا شرموطة كبيرة . لأنك مصرية وهم أيضا مصريون , والمصري اليوم : خبيث مخادع لديه ميول تحمل علي اللذة في إلحاق الأذي بالآخر .

الخميس، 28 أغسطس 2008

أين الخاتم !

لم تكن (ك) ترتدي سوي (جونلة) من الحرير الخفيف , و ( بلوزة ) من قماش مشابه , ولكن هذا الزي البسيط لم يزدها إلا سحراً !
.. وكانت نظراتي الولهانة تخترق هذا القماش الحريري الخفيف , فأكاد أري الفتاة عارية !.. ورحت أزفر في وجد !
وحلا للفاتنة الصغيرة أن تجري في الحديقة , وقد استهواها جمال الطبيعة . وإذ لمحتني أنظر إليها مشدوها , ومنتشيا في الوقت ذاته , تحدتني أن أسابقها , فقلت لها : ( حسنا .. ولكن لا بد من رهان! .. وليكن رهاننا أن يصدع الخاسر بما يطلبه منه الفائز ! ) .

وتعمدت في المرة الأولي أن أخسر , لأري ما قد تأمرني بعمله . وكان العقاب الذي ابتكرته , أن اختفت وراء شجرة وأخفت خاتما كان يحيط بإصبعها, ثم سألتني أن أبحث عنه , قائله إن مخبأه غير بعيد عنها . وكان معني ذلك أن أتحسس جسمها , وأن أقلب أطراف ثوبها , حتي عثرت في النهاية علي الخاتم .. بين نهديها !.. ومددت أصابعي المرتجفة أنتشله , وأنا موزع بين الدهشة والحرج والرغبة والتورع .. في آن واحد !.. ولكني استطعت أن أتبين أخيرا أن الفتاة – التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها – كانت مبرأة عن الخبث والخداع , وما اختارت هذا المخبأ إلا عن سذاجة طائشة !
وقضينا يومنا في قبلات ودعابات .. كنت أقبلها مشفقا عليها من حرارة وجدي , وكانت هي تقبلني كما تقبل الطفلة أباها !


كازانوفا

الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

معني أن تحيا

أن تحيا يعني : أن ترمي بعيداً عنك شيئاً يموت, أن تحيا , يعني : أن تكون قاسياً , متعنتاً في كل ما يضعف فينا ويموت، وليس فقط فينا . أن تحيا , هل يعني إذن : أن تكون قاسي القلب علي كل المنازعين والبؤساء , والعُجَّز ؟ أن تقتل باستمرار ؟ ومع ذلك فإن موسي العجوز قد قال : لن تقتل إطلاقاً .
"""""""""
نيتشه

Never Back Down